الأداة بين النحويين والمناطقة

       الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الزاكين . وبعد ... فقد تمتع الفكر الاسلامي بالإحاطة بجميع العلوم الموروثة منها والدخيلة ، ليندمج المنقول والموروث ، ويذوب في بوتقة الثقافة الإسلامية حتى لتغدو الثقافة العربية الإسلامية متكامل...

Descripción completa

Guardado en:
Detalles Bibliográficos
Autor principal: Diaa Hamid Dahash
Formato: article
Lenguaje:AR
EN
Publicado: University of Baghdad 2015
Materias:
/
P
Acceso en línea:https://doaj.org/article/0bebcd9150204575ac99d0eb4ec8f66c
Etiquetas: Agregar Etiqueta
Sin Etiquetas, Sea el primero en etiquetar este registro!
Descripción
Sumario:       الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الزاكين . وبعد ... فقد تمتع الفكر الاسلامي بالإحاطة بجميع العلوم الموروثة منها والدخيلة ، ليندمج المنقول والموروث ، ويذوب في بوتقة الثقافة الإسلامية حتى لتغدو الثقافة العربية الإسلامية متكاملة متداخلة لا يمكن الفصل بين طرفيها  فصلاً تاماَ وأصل ذلك أنَّ الفكرة المعينة قد تنتمي في أصلها الى علم معين ثمَّ تنتقل الى علم آخر وتستقر فيه وتصبح أساساً من أساسياته . ومن المعلوم (( أنَّ الظروف التي نشأت فيها العلوم الأسلامية تكاد تكون   واحدة ؛ والأسباب إلتي نشأتها لا تكاد تختلف في علم عنها مما في علم آخر ، الاَّ أنَّ العلماء وجهوا اهتمامهم أول مرَّة الى العلوم الشريعة ، ولما ساروا فيها شوطاً طويلاً وجهوا اهتماهمهم بعد ذلك الى العلوم الاخرى .)) (1) ويعدّ الترابط والتداخل بين العلوم الإسلامية وغيرها من العلوم المجاورة نمطا من أنماط التكامل العلمي الذي تمتعت به الثقافة العربية الإسلامية، فقد عُرف هذا التداخل في مقدماتها ومكوناتها . ولعل أبرز هذا العلوم التي شهدت تداخلا مع العلوم الأخرى هو علم النحو ، ذلك العلم الذي يُعد آلة معرفية يتوصل عبرها الى تنظيم الكلام على وفق قواعد وأصول منهجية استخلصت من استقراء كلام العرب .      ويبدو أنَّ العلاقة التي أنا بصدد تشخيصها إنَّما تتحدد بالعلاقة بين النظم المعرفية التي أضحت تتنافس وتتصادم في داخل الثقافية العربية ، فإنَّ تلك المناظرة التي ترويها كتب التراجم بين أبي البشر يونس بن متَّى الذي انتهت إليه رئاسة المنطقيين وبين أبي سعيد السيرافي اللغوي والفقيه والمتكلم قد (( جسمت الصدام بين النظام المعرفي البياني ممثلاً في شخص أبي سعيد السيرافي والنظام المعرفي البرهاني ممثلاً في شخص أبي بشر))(2).          ومما لاريب فيه أنَّ لكل علم مصطلحاته والفاظه الخاصة به المتعارف عليها عند أهل الصناعة . لكن قد تشمل هذه الصناعة بعض المصطلحات فيستعملها أهل الصناعة الأخرى وإن اختلفت دلالتها عندهم يقول الفارابي : (( وينبغي أن نعلم أنَّ أصناف الألفاظ التي تشتمل عليها الصناعة النحوية يوجد منها ما يستعمله الجمهور على معنًى ويستعمله أصحاب العلوم ذلك اللفظ بعينه على معنًى آخر ، وربَّما وجد من الألفاظ ما يستعمله أهل الصناعة للدلالة على معنًى ما ويستعمله أهل صناعة أخرى للدلالة على معنًى آخر وصناعة النحو تنظم في أصناف الألفاظ بحسب دلالتها المشهورة عند الجمهور لا بحسب ما عند أهل العلوم ، وقد يتفق في كثير منها أن تكون معاني الألفاظ المستعملة عند الجمهور هي بأعيانها عند أصحاب العلوم )) (3)       فالمصطلحات النحوية المنطقية بهذا الشكل تلتقي مع المصطلحات النحوية المعروفة وتتآلف الدلالات وتختلف عنها بما يخدم مباحث العلم المعني لاختلاف وظيفتها عند أهل ذلك العلم فليس من العجب أن ألف الفارابي كتاباً في المنطق سماه ( المختصر الصغير على طريقة المتكلمين ) (4) فيه عبارات الفقهاء والنحويين والمتكلمين واصطلاحاتهم .       مع هذا فإنَّ لكل علم مصطلحاته ودلالاته التي تختلف لاختلاف مشاربها وطرقها ، وقد أقر المناطقة بوجود المشابهة اللفظية بين المصطلحات النحوية وما يمثلها من مصطلحات منطقية من حيث فهم الجمهور من الناس .. سأحاول في بحثي هذا تسليط الضوء على مصطلح ( الأداة ) فهذا المصطلح كثير الدوران في أروقة النحاة والمناطقة ومحاولا قصارى جهدي الكشف عن اشكالاته وغوامضه بعد أن كثرت الاقوال فيه ..