ثقافة التسامح والتعايش في الأديان السماوية

ان التعايش والتسامح هو ضرب من التعاون الذي يقوم على اساس الثقة والاحترام المتبادلين الذي يهدف الى غايات يتفق عليها الطرفان او الاطراف التي ترغب في التعايش وتمارسه عن اقتناع وطواعية وباختيار كامل .        ان التعايش بين المسلمين وبين غيرهم من اهل الاديان ينبغي ان ينطلق من الثقة والاحترام المتبادل...

Descripción completa

Guardado en:
Detalles Bibliográficos
Autor principal: Nebras Adnan Al-Mutairi
Formato: article
Lenguaje:AR
EN
Publicado: University of Baghdad 2015
Materias:
/
P
Acceso en línea:https://doaj.org/article/ad32d664d00b40b2bd56d29cc7e7ef48
Etiquetas: Agregar Etiqueta
Sin Etiquetas, Sea el primero en etiquetar este registro!
Descripción
Sumario:ان التعايش والتسامح هو ضرب من التعاون الذي يقوم على اساس الثقة والاحترام المتبادلين الذي يهدف الى غايات يتفق عليها الطرفان او الاطراف التي ترغب في التعايش وتمارسه عن اقتناع وطواعية وباختيار كامل .        ان التعايش بين المسلمين وبين غيرهم من اهل الاديان ينبغي ان ينطلق من الثقة والاحترام المتبادلين ومن الرغبة في التعاون لخير الانسانية في المجالات ذات الاهتمام المشترك وفيما يمس حياة الانسان من قريب وليس فيما لا نفع فيه ولا طائل منه .        ولعل المجال الذي رسمه الشيخ محمد الغزالي (رحمه الله) للتعايش يمثل في رأينا الصيغة المثلى لتحديد صورة هذا التعايش بين المسلم وبين غير المسلم فقد وضع ثلاثة مبادئ للتعايش والحوار هي : الاتفاق على استبعاد كل كلمة تخدش عظمة الله وجلاله فأنا وانت متفقان على ان الله قد احاط بكل شيء علماً وانه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الارض وان رحمته وسعت كل شيء وانه ليس متصفاً بالنقائص والعيوب التي تشيع بين الناس . الاتفاق على ان الله يختار رسله من اهل الصدق والامانة. وما وجدناه متوافقاً في تراثنا نرد اليه ما اختلف فيه ، وبذلك يمكن وضع قاعدة مشتركة بين الاديان .  من هذه القاعدة يمكن ان ننطلق على سبيل المثال لا الحصر في اتجاه تعميق البحث العلمي في مجال جهود مشتركة للوصول الى نتائج تدعم اسس التعايش الذي هو في البدء والختام التعاون بين المؤمنين في الارض على ما فيه الخير والصلاح للانسانية جمعاء ، والبحث العلمي النزيه عن اتصال الاديان واثار ذلك الاتصال خطوة صالحة في سبيل السلام العالمي والاخوة الانسانية التي سمت اليها الروح الدينية العالية وحلمت بها الفلسفة منذ شروق شمس الحياة الفكرية ، ثم لا تزال تتطلع اليها العناصر الكريمة في الحياة العاملة وهو بحث يوسع افق المتدينين ، وهو في الوقت نفسه واجب علمي لخدمة الحقيقة يتولاه الباحثون في تاريخ الاديان ، والاشتراك في جهود علمية ثقافية في هذا المجال يعود بالفائدة على المؤمنين جميعاً لان هذه الجهود تصب في اتجاه تعميق التفاهم بين اهل الاديان واشاعة القيم الانسانية في اوساطهم واقامة جسور للتقارب الانساني الذي يعلو على التقارب الفكري والثقافي والتعاون بين الاديان في المحافظة على سلامة البيئة ومحاربة الامراض الخطيرة، وفي القضاء على التفرقة العنصرية وفي رفع الظلم عن الشعوب والطوائف والفئات التي تتعرض للاضطهاد وهو مجال واسع للتعايش بين المؤمنين .        كذلك ينبغي ان يشمل التعايش بين الاديان العمل المشترك لمحاربة الالحاد والانحلال الاخلاقي وتفكك الاسرة وانحراف الاطفال ويجب ان يتسع مفهوم التعايش بين الاديان للقضاء على اسباب التوتر واضطراب حبل الامن والاسلام وعدم الاستقرار في انحاء عدّة من العالم .        ان الاصل الشرعي في الحوار مع اهل الاديان الدعوة الى الله وبيان الحق ورد الباطل بالادلة الصحيحة ، قال تعالى : ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(سورة فصلت : 33) وقال تعالى : ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ))(سورة يوسف : 108). وقال تعالى : ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))(آل عمران : 104) .        وحتى يكون التعايش بين الاديان في خدمة السلام العادل يجب ان تتحرر الاطراف المشاركة فيه من القيود والضغوط والارتباطات كلها التي تتعارض ومبدأ هذا التعايش واهدافه .        فالتعايش بين الاديان هو تعايش في الوقت نفسه بين الثقافات والحضارات ان لم يكن الهدف منه خدمة الاهداف السامية التي يسعى اليها الانسان ولاشك في انه سوف يكون اشد الحاحاً في المستقبل القريب لما يبدو لنا من مؤشرات في الافق تؤكد جميعها على ان القرن الحادي والعشرين سيعرف ازمات شديدة الوطء على المستوى السياسي والاقتصادي وفي المجال الحضاري والثقافي معاً وفي هذا المناخ تتضاعف اهمية رسالة الاديان السماوية وتتعاظم مسؤولية المؤمنين في الدفع بالتعايش بين الاديان نحو الاتجاه الصحيح عملاً بالتوجيه الرباني في قوله تعالى : ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ))(سورة آل عمران : 64) .